الحديدة- ياسمين الصلوي

 

" اه... تعبنا من الحرب لكن والله ماننكسر"!

قالتها رحيل ( اسم مستعار ) بعينين غاضبتين على حرب نالت من استقرارها وارتها الويلات كما تقول

رحيل (25عاما) أم لطفين حلا ونذير ، عاشت في منزل شعبي  بمدينة الحديدة  مع والدتها واشقائها بعد تخلي والدهم عنهم وهي في الرابعة من عمرها  .

. دمرت الحرب المدينة ومعها سعادة رحيل وأسرتها، كحال مئات الأسر، .. كانت رحيل تعيش على راتب زوجها البسيط، لكنها فقدت الراتب بعد توقف زوجها عن العمل  بسبب تضرر المنشأة التي كان يعمل فيها ، ومعه  تدمرت صحته وأصبح شبه عاجز عن العمل

تقول رحيل " نمر بوضع لا يعلمه إلاالله" في ظل الحرب "

 

حاول زوجها حامد البحث عن عمل يناسب مستواه التعليمي وقدراته لكن  تدهور  صحته وقف عائقا في كل مرة حالفه الحظ في الحصول على فرصة.

 

باعت رحيل ما لديها من الحلي لتوفير لقمة العيش لاسرتها بعدما ايقنت بعدم مقدرة الزوج على العمل  

"رفضت الإستسلام للواقع  الذي تمر به الأسرة مثلتُ دور القوية أمام المجتمع ، تصنعت الشبع  وانا جائعة  ، ابتسمت وفي قلبي الف غصة، بينما أنا وطفلتي  وزوجي نشرب ماء حارا في صيف حارق" .

كيف يمكن لـ رحيل مواجهة كل ذلك..كيف يمكنها  الحصول على وظيفة يمكنها انتشال الاسرة من حالة الفقر والعوز تلك

تقول" التحقت بعدد من الدورات التدريبية بدعم من والدتي وما اتحصل عليه من دروس التقوية لطلاب الحي فتعلمت الحاسوب واللغة الإنجليزية وبعد عام كامل شجعتني أمي على دخول جامعة خاصة لدراسة التمريض وطبقت في مراكز كثيرة الى ان تمكنت من ممارسة المهنة" .

 

كانت الحديدة تشهد  نزوح الآلاف من الأسر منتصف العام 2018 مع اشتداد المعارك  

ومعها أغلقت الكثير من المراكز والمنشآت ، أبوابها فيما ظلت المنظمات الدولية والمحلية تواصل عملها في المدينة  الى بعض المرافق والمحال والأسواق  التي صمدت وسط عاصفة الحرب والموت.

تقول رحيل "استخرجت شهادتي وجهزت ملفا كاملا وبدأت البحث عن عمل رغم كل ما يحدث"

 

وتواصل بنصف ابتسامة " كثيرون سخروا مني ..قال  لي البعض منهم: الدنيا خربت  والناس هربوا وانت تدوري خبر فاضي تضيعي وقتك وتتعبي نفسك .. حتى صاحب الطابعة اللي كنت اطبع عنده  ملفاتي كان كل مرة اروح له يقول لي ضاحكا عادك ماحصلتي شغل للان " .

 

بحثت رحيل كثيرا لتتكلل جهودها بالحصول على وظيفة مدرسة في مدرسة خاصة براتب 15 الف ريال ثم لاحقا فرصة للعمل ممرضة في مركز طبي " بدأت اشتغل  وبعد فترة كانت هناك ممرضه قبلي، عملت بكل جهد وكره لمحاربتي ومضايقتي دون سبب، حتى اجبرتني على ترك العمل غصبا عني لأني تأذيت منها كثير وماعد قدرت اتحمل ، وبدأت البحث مرة أخرى عن عمل جديد " .

في المنزل ورفقة رحلة البحث المستمرة عن عمل بدأ البعض ايغار صدر زوجها بأنها تدخل وتخرج على مزاجها وتنامت حملة التحريض ضدها وصولا الى تخييرها بين البقاء في المنزل وبين الطلاق فاختارت اسرتها

تقول   " ليس سهلا في هذه الظروف أن تكوني أما وباحثة عن عمل"

عملت رحيل في صناعة المثلجات وبيعها من المنزل لكن انقطاع التيار الكهربي كليا في المدينة حال دون استمرارها فتحولت للخياطة ثم في عمل النقوش على القماش وصولا الى صناعة الاكسسوارات  و مساكات للشعر " لن اتوقف لاني احتاج واسرتي ان نعيش"

عن رحيل وغيرها تقول الناشطة منى حجري " فيظل الحرب تراجعت أنشطة الحياة فشحت الأعمال وخصوصا للمرأة ومع ذلك كان لبعض الأعمال البسيطة دورا لاباس به في اعانة بعض الاسر على الاستمرار"