مروى العريقي

اختتم، أمس الجمعة، مهرجان القهوة بالعاصمة صنعاء الذي أقامته وزارة الزراعة والرعي احتفاء باليوم الوطني لزراعة البُنّ اليمني الذي يصادف الثالث من شهر مارس، مزارعون أسسوا علامات تجارية خاصة بهم، ومراكز تجارية عديدة أبت إلا أن يكون البُنّ اليمني حاضرًا في منتجاتها.

تجولنا في أرجاء المهرجان لنجد حضورًا نسويًا بمشاريع منزلية مزجت الفن بالبُنّ، نساء اخترنّ أن يكون لهنّ مشاريعهنّ الخاصة التي تدرعليهنّ بالمال وإن كان بسيطًا، فجعلنّ من شغفهنّ وسيلة لإثبات الذات والسعي نحو الاستقلالية المادية.

شغف وحب

"فنُ وبُنّ"، تستوقفك هذه العبارة البارزة أعلى الخيمة لما تراه من جمال الرسومات فيها، فما علاقة البُنّ إذن؟!

هو اسم لمشروع الفنانة التشكيلة سحر سيف، التي تبيع الأعمال الفنية والقهوة اليمنية لا لشيء سوى عشقها للفن والبُنّ، بدأت سحر في مشروعها مطلع العام الماضي، تأخذ البُنّ من المنتجين وتبيعه لشريحه مهتمة بذات الجودة والنكهة التي توفرها لهم.

"أجمل ما في المهرجان أنه غطى شريحة واسعة، وهناك تعاون من المنظمين الذين سهلوا تواجدنا على الرغم من الازدحام الشديد"

أحيا المهرجان في سحر روح الانتصار للذات، وهي التي استمدت مشروعها من الشغف الذي ينمو بداخلها يومًا بعد آخر، فشرب القهوة له طقوس مقدسة لدى عُشاقها، كما للفن طقوسه أيضًا.

ترى سحر في المهرجان لفتة جميلة للنهوض بزراعة البُنّ اليمني وأيضًا لرواد المشاريع الصغيرة، البدء بعمل مستقل هي نصيحة سحر لقريناتها،والتطلع لكل ما هو جديد، والاستمرار في تتبع شغفهنّ مهما كانت الظروف.

همسة فن

من بين الخيام المتراصة، تقف فاطمة ناجي عبد الله بين لوحاتها الفنية والأكواب المزينة بخط يديها، بدأت فاطمة مشروع "همسة فن للرسم والهدايا" منذ العام 2014م، وهو من أقدم المشاريع المنزلية، تشارك اليوم عشاق القهوة شغفهم بالشرب في كوب مميز يتزين بأسمائهم.

"نحتاج إدراكًا من الناس بقيمة العمل الذي نقدمه وأهمية العمل اليدوي ولمسته الخاصة وجهده"

تقول فاطمة لمنصة "هودج": "هناك تفاعل كبير من الجمهور، أجمل ما في المهرجان أنه غطى شريحة واسعة، وهناك تعاون من المنظمين الذين سهلوا تواجدنا على الرغم من الازدحام الشديد".

تستخدم فاطمة مواد مختلفة للتزيين، ومعجون كتابة وأواني خاصة للكتابة، مواد منها لم تكن متوفرة في اليمن، مثل المعجون الخاص بالكتابة الذي تم توفيره حاليًا لكن بسعر باهض، ما يدفع الناس للعزوف عن الشراء، كذلك الأواني التي تم توفيرها بشكل أفضل من السابق، وهي أغلى سعرًا.

تقدير ضائع

رسم وكتابة وتزيين، ثلاثية ممزوجة بشغف بالغ لا يتقنهنّ إلا فنان يجود بوقته وجهده لينال التقدير الذي يستحق، تقول فاطمة: "نحتاج إدراكًا من الناس بقيمة العمل الذي نقدمه وأهمية العمل اليدوي ولمسته الخاصة وجهده، كثير ما يصادفني من يقول الكأس هذا سعره غالي بأخذه من خارج أرخص، دون تقدير بأن الكأس هذا تم الكتابة عليه".

توجه فاطمة رسالتها للأسر اليمنية بتوفير الدعم المعنوي للنساء كي يعملنّ في المجالات التي يرغبنّ فيها، مضيفة: "لو يعرف الأهل كمتفرق جملة "أحنا معك لا تقلقي" ما استرخصوها في بناتهم".

ضاعفت الحرب في البلاد من مشكلات العيش فيها، وتكبدت النساء مشقة استمرارية حياة الأسرة، في أروقة المهرجان وجدنا أم نوار تشاهد المارة وتتأمل المكان، سألناها عن سبب قدومها فأجابت بلغتها القروية العفوية "أجيتُ أتفرج"،لم تشترِ هذه السيدة شيئًا من كل هذه الخيام، لا حاجة لها لبُنّ إضافي فزجاجته في منزلها مليئة به، إنما هو المكان المستحدث لمناسبة عابرة قلما تحدث في وطنها.