منال محمد

استطاعت أخذ زمام المبادرة وتأدية عملها بشكل جيد، وعملت على إنجاح مؤسسة تعليمية وتسييرها بانتظام في وقت تعرضت فيه مؤسسات الدولة للانهيار أو الإغلاق بسبب الحرب.

تمكنت حنان العلي، وهي عميدة معهد الخنساء التقني المهني للبنات الواقع في مدينة تعز، جنوب غرب اليمن، من تقديم نموذج عن كفاءة النساء في الظروف العصيبة؛ حيث حصد المعهد الذي تديره على المركز الثاني على مستوى المعاهد الحكومية في "جائزة المؤسسة التعليمية والتدريب المتميز" الخاصة بتقييم جودة وفعالية الأداء المؤسسي الكلي، وتقييم جودة المخرجات؛ وهي جائزة سنوية تمنح من قبل مكتب التعليم الفني، كما حصدت طالباتها على المركز الأول في إدارة المشاريع وقسم البرمجيات، والمراكز الخمسة الأولى في قائمة أوائل الجمهورية للعام  2020- 2021م.

العودة

تقول حنان - عميدة المعهد: "بناء على طلب بعض من طالبات المعهد، وتحديدًا طالبات المستوى الثاني اللواتي كُنّ يردنّ التخرج من المعهد أسوة بزميلاتهنّ في المعاهد الأخرى في المناطق الأقل تضررًا من النزاع، وعلى الرغم من الاشتباكات المتقطعة في محيط مقر المعهد، استجبنا لرغبة الطالبات وإلحاح أولياء أمورهنّ  لإنهاء عامهنّ الأخير، وتحملت كامل المسؤولية على عاتقي، وفتحت المعهد الذي كان يعاني من آثار الإغلاق، ونهب لبعض ممتلكاته بسبب فوضى الحرب والانفلات الأمني حينها".

تأهيل المبنى لم يحل دون ظهور صعوبات أخرى واجهت العمل، وأهمها إيجار المبني الذي يبلغ  540 ألف ريال يمني شهريًا.

وتضيف: "عملت على توثيق الأضرار التي تعرض لها المعهد في محاضر جرد لدى مكتب التعليم الفني، واستأنفنا العمل في المعهد".

تفيد الطالبة سارة طاهر، وهي خريجة من قسم المحاسبة بالمعهد، دفعة  2016- 2017م: "كنا في المستوى الثاني، وعدنا للدراسة بعد عام من التوقف بسبب الحرب"، وتضيف: "ظللنا نتواصل مع الأستاذة حنان لنقنعها بفتح المعهد بأي طريقة. أردنا أن نكمل مستوانا المتبقي، وبعد عدة محاولات عدنا للدراسة".

وتوضح سارة: "كان عدد المعلمين لا يتعدى عدد أصابع اليد. تعبنا كثيرًا، وكنا في أغلب الأيام نغادر المعهد قبل الموعد بسبب القذائف والرصاص".

بداية العمل

"عندما تتولى المسؤولية تكون في الواجهة، وعليك إيجاد الحلول المناسبة لمختلف العوائق والتحديات المحتملة"، تقول حنان، وتكمل: "تم استئناف الدراسة في 16/9/2016م بمجهودات شخصية، وفي ظل وجود عجز في الكادرين الإداري والتعليمي اللذين نزح معظم أفراده خارج المدينة، إلى جانب غياب الموازنة التشغيلية، وما تعرض له المعهد من أضرار".

فصل الوزارات بين حكومتي عدن وصنعاء أدى إلى ظهور صعوبات تتعلق بعملية إتمام الاختبارات وإعداد النتائج

ويوضح رئيس قسم التسويق ونائب مالية المعهد، عبدالكريم الرميمة، كيف جرى التعامل مع جانب من تلك التحديات: "عملنا بداية على تجهيز المبنى وتنظيفه، وترميم الكراسي المكسرة، والصيانة  اللازمة للأجهزة، ووفرنا طاقة شمسية بدعم شخصي من الأستاذة حنان، وتعاقدنا مع كادر تعليمي جديد بمبالغ رمزية لتغطية العجز في المعلمين".

صعوبات التمويل

تأهيل المبنى لم يحل دون ظهور صعوبات أخرى واجهت العمل؛ كشحة الموارد المالية اللازمة للتشغيل، وأهمها إيجار المبني الذي يبلغ  450 ألف ريال يمني شهريًا.

تقول رئيسة قسم الخياطة والتصميم في المعهد، جميلة المجيدي:  "بكثير من الجهد والمحاولات المتعاقبة من قبل العميدة، تم اعتماد الإيجار من قبل مكتب التعليم الفني بالمحافظة بصورة مؤقتة من خلال مناقلة من موازنة معهد الحوبان التقني، والذي بات خارج إطار الوزارة في عدن".

فصل الوزارات بين حكومتي عدن وصنعاء أدى إلى ظهور صعوبات تتعلق بعملية إتمام الاختبارات وإعداد النتائج، تقول مساعدة رئيس قسم التسجيل، كوكب مهيوب: "تم اختيار  معهد الخنساء  كمركز اختباري لـ 450 طالب وطالبة من مختلف المعاهد في المحافظة خلال تلك الفترة".

"الحرب وجائحة كوفيد- 19تسببا في توقف الدراسة، إلى جانب مشاكل انقطاع الكهرباء أثناء الدراسة في معمل الحاسوب"

وتضيف مهيوب: "العام 2017 - 2018م، اتممنا الارتباط بوزارة التعليم الفني التابعة للحكومة المعترف بها دوليًا في عدن، وترافق ذلك مع مشكلات مختلفة، أبرزها ما يتعلق بنتائج الاختبارات التي كانت ترسل متضمنة أخطاء كثيرة؛ فتتم مراجعتها في تعز، ثم  نعيد إرسالها أكثر من مرة؛ كون الوزارة كانت ما تزال حينها في طور التشكيل".

عملت المديرة رفقة الطاقم المتوفر حينها بكثير من الجهد في سبيل توفير أغلب الاحتياجات الأساسية لاستمرار العملية التعليمية، بل وتمكنت من افتتاح أقسام جديدة تدعم تنمية مهارات الفتيات، وتغذي سوق العمل بكوادر مؤهلة؛ حيث بلغ عدد الخريجات1332  حتى عام 2020م موزعة  بين أقسام المعهد المختلفة: (ديكور، إدارة مكاتب، تسويق، إنجليزي، محاسبة)، بحسب السجلات والكادر الإداري

إصرار وكفاءة

من جانبه، يقول مدير عام مكتب التعليم الفني بالمحافظة ، قائد الصلوي، إنّ "إصرار وكفاءة الأستاذة حنان في إدارة المعهد والمتابعة، واستعداد الطاقمين الإداري والتعليمي للاستمرار في العمل، قابله المكتب بالمساهمة في تذليل الصعوبات، ودعم المعهد بكل ما هو ممكن ومتاح؛ ما مكنهم من إعادة المعهد للعمل، وفتح أقسام جديدة، وحصول طالبات المعهد على مراكز جيدة في قائمة أوائل الجمهورية عامًا بعد آخر".

صعوبات

تقول ريم الأثوري، وهي واحدة من طالبات المعهد وأوائل الجمهورية لقسم برمجة حاسوب : "أشعر بالفرحة والفخر للوصول لمثل هذه المرتبة التي هي فخر للأسرة والمعهد كذلك. لقد تعبنا واجتهدنا وذاكرنا و رفعنا رؤوس أهلنا والمعهد وتعز أيضًا".

تكمل الأثوري: "تعددت الصعوبات؛ فالحرب وجائحة كوفيد- 19تسببا في توقف الدراسة، إلى جانب مشاكل انقطاع الكهرباء أثناء الدراسة في معمل الحاسوب، لكنّ جهود الإدارة في توفير بدائل مكننا من تجاوز تلك العراقيل"، وبحسب النائب المالي للمعهد، فقد تم حل مشاكل انقطاع الكهرباء "من خلال اشترك المعهد بخط كهرباء تجاري".

نسب تواجد المرأة في مكاتب السلطتين المركزية والمحلية لا تتعدى الـ 8% مركزية و23% محلية، والذكور 92% و77%

وتوضح النائبة التربوية لشؤون الطلاب  في معهد الخنساء التجاري، هيفاء الشجاع، كيفية تعامل إدارة المعهد مع بعض الصعوبات بالقول: "قبل انتشار جائحة كوفيد-19، عقدت الأستاذة حنان اجتماعًا بالكادر الأكاديمي كاملًا، وطلبت منهم الإسراع في الخطة الدراسية قدر الإمكان مع الأخذ بالإجراءات الاحترازية، وتم إنجاز المناهج التعليمية، والاستعداد لإجراء الاختيارات، لكن حصل أمر الإغلاق، وتوقفت الدراسة في البلاد؛ ما تسبب بتأخير إجراء الاختبارات على الرغم من استكمال الخطة الدراسية".

إحصائيات وأرقام

لعبت المرأة العاملة في اليمن دورًا رائدًا في إدارة المؤسسات  التعليمية، و في إدارة المشاريع الخاصة، تقول مديرة إدارة سيدات الأعمال بالغرفة التجارية، أروى العمري، لـ "هودج": "25 سيدة أعمال مسجلة في الغرفة ما بين سيدة أعمال وأسر منتجة"، واصفة ذلك بالمعدل المتدني، ووفقاً لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي العام 2017م، انخفضت عمالة الإناث بنسبة 28% مقارنةً بنسب انخفاض عمالة الذكور البالغة 11% ، وهي أرقام قابلة للتدهور في ظل الأوضاع الحالية .

في تعز على وجه الخصوص، بلغت نسبة النساء العاملات في القطاع العام 22% من إجمالي العاملين في القطاع العام، فيما بلغت نسبة الذكور 78% موزعة بين  مكاتب السلطة المركزية والسلطة المحلية.

وفيما يتعلق بنسب تواجد المرأة في مكاتب السلطتين المركزية والمحلية، تشير الإحصائيات إلى أنها لا تتعدى الـ 8% مركزية و23% محلية، فيما يحوز الذكور على نسبة 92% و77% من مناصب السلطة المركزية والسلطة المحلية على التوالي. بحسب إحصائية شهر أكتوبر من العام 2021م لمكتب الخدمة المدنية في محافظة تعز.