حضرموت- صفاء عمر


تمثل الأعراف الاجتماعية أحد مصادر القانون في عدد من البلدان العربية ومن بينها اليمن

 

وتسهم هذه الأعراف في تقسيم المجتمع الى فئات وشرائح ومكونات مختلفة من حيث المكانة الاجتماعية

 

ويلعب هذا التقسيم دوراً في جعل بعض النساء فرائس سهلة تحت تأثير الرغبة في الانتقال من فئة اقل الى أخرى اعلى شأنا من سابقتها

 

وقد يلعب بعض الرجال على هذه المعزوفة بغرض الإيقاع بالفتيات تحت عنوان عريض يعرف بتحدي العادات والتقاليد الاجتماعية

 

الا أن هذا المسار غالبا ما يمثل رحلة مغامرة ضحيتها المرأة في حين يعود الرجل في الغالب الى قيمة وثيقة الصلة بالقبيلة واعرافها

 


تقول ياسمين بملامح ذابلة " لم اكن أؤمن بقصص الحب تجنبته مرارا وتكرارا في مراحل عمريةمختلفة من حياتي كنت بخير وقلبي كذلك" وتضيف بصوت مكسور " حتى وجدت احد أبناء القبائل ذات مرة ولم أقبل بعرضه لمحاولات عديدة، اخبرته ان هنالك فروق وتقاليد لايمكننا تجاوزها لكنه اصر وقال لي بلهجة بدت واثقة بأنه رجل لا يؤمن بالقبيلة وانه يريد ان نكمل حياتنا معا،فطلبت منه ان يحلف على المصحف بأنه لن يتخلى عنيف فعل"  

 

تستمر ياسمين " كسرنا القوانين وتحدينا العقبة تلو الأخرى، لم يكن شعوراً عاديا ذلك الذي جمعنا معا حتى وصل الخبر لاسرتينا وعندها بدأت الأمور تسير سيرا اخر"

 

بعض الأشياء يصعب تصديقها تحت تأثير أجواء الحب المتبادل، لكن هل كان حقا حباً متبادلاً

تطلق ياسمين تنهيدة حارة وتقول " هاتفني بعدفترة قصيرة ودون إطالة في المقدمات اخبرني ان  أهله يبحثون له عن عروس " وتضيف"ظننتها مزحة لكنه سألني مارايك هل أقيم عرسا ام اعقد واتي بها الى البيت هكذا دون ضجيج"

 

دار البيت بياسمين حتى انها لا تتذكر كيف أغلقت الهاتف ومالذي حدث بين تلك اللحظة وبين اجهاشها ببكاء حاد  

تقول " عاود الاتصال بي مجددا بعد اقل من شهرين ولم أكن أرد على اتصالاته حتى أخبرني صديق له بأن اسرة محمد- اسم مستعار-فشلت في العثور على عروس بمواصفات الاهل"

 

تدرك ياسمين كما تقول بأنها تعرضت للصدمة وأنها عاشت فترة قاسية لكنها وفي مكان ما ماتزال تملك بعض الامل في أن الرجل قد يكون صادقا خاصة انه أكد لها ما أخبرها صديقه من انه رفض أكثر من خيار قدمته الاسرة اليه


تضيف ياسمين"عدت إليه وكأن شيئا لم يكن عدنا وكأن هذه الحياة خلقت لاجلنا فقط واستعادت العلاقة عنفوانها بعد الاتفاق على اعتبار فترة الشهرين العصيبين فترة خصام طرأ وعلينا ان نتجاوزه"

استمرت قصة الحب قرابة عام حين قرر محمد السفر خارج البلد من اجل العمل ..تقول" طمأنني انه لن يتأخر كثيراً وانه سيعود الي ومن اجلي وظل يؤكد ذلك من خلال اتصالاته المتكررة، وحين عاد..."

 

تطلق ياسمين تنهيدة وتكمل بحرقة بادية " حين عاد ...عاد لغيري"

تواصل وسط مزيج من الضحك والدموع "مازلت أتذكر تلك الصورة وهو يصافح يد والدها تحت منديل ابيض ليقول له:  "قبلت ابنتك زوجة لي على سنة الله ورسوله".

 

لم تجد ياسمين من عزاء غير التوجه الى مكة لاداء العمرة والبكاء الى الله بحرقة لطلب العدالة في حق من تركها تواجه كل تبعات الاحداث بمفردها وسط مجتمع "محافظ"

 

تقول:"لم يكن بمقدوري فعل شيء وجدت نفسي مجردة تماما من كل شيء فطارت بي أختي نحو مكة وهناك تمسكت بستار الكعبة وهمست لله أن يحكم بيني وبينه بالحق أخبرته بأن من أشهده على صدق وعده اخلف العهد وطفت مرددة حسبي الله ونعم الوكيل وعند الله تجتمع الخصوم"


ليست ياسمين وهواسم مستعار نظراً لحساسية القصة، ليست سوى واحدة من كثيرات يعشن أنواعا مختلفة من الصراع النفسي الاجتماعي ويخسرن كثيرا باسم الحب او تحت تأثير الرغبة في التقدم خطوة على صعيد التكوينات الاجتماعية في اليمن.