حضرموت - هناء النهدي

 

مع وصول العلاقة بين الزوجين إلى مرحلة اللا عودة، قد يظن البعض أن الطلاق نهاية المطاف، وبداية لحياة نقية من المنغصات، ولا يعي الطرفان أنهم على موعد من مسلسل من الخلاف والصراع مثل الحضانة، واسقاطها، أو النفقة، وغالبًا يكون الطرف الأضعف هم الأبناء، اللذين قد يستغلهم أحد الطرفين لتصفيه حسابات، ويؤدي ذلك إلى تبعات نفسية كثيرة عليهم تفتح أمامهم أبواب الانحراف.

سلمى أم لأربعة أطفال إحدى ضحايا الطلاق، صبرت لسنوات طويلة حتى لا يدفع أبناءها الثمن، تقول: "تطلقت من زوجي بعد عشرين سنة من العيش معه، عانيت فيها الامرين وكنت صابرة ومتحمله من أجل الأبناء، وأن لا انحرم منهم ولا ينحرموا من رؤيتي، حتى أنه كانت، تمر بي ليالي اكفكف دموعي".

وتتابع سلمى "اسم مستعار": عشت سنوات دون أن يرى الأبناء تلك المعاناة التي اعيشها مع والدهم وكنت اظهره دائما بأنه الأب المشغول من أجلهم، وأنه لا يهتم بشي في الحياة سوى راحتهم وسعادتهم، وبين جدران غرفتي كنت أصارع من أجل كرامتي وحقوقي المهدورة، فكان لا يحترمني ويعاملني كزوجة ويحرمني من أبسط الحقوق".

وأردفت قائلة: عندما قررت أن أقول لا للظلم الذي أعيشه مع أبو اولادي، كانت مكافأتي طلاقي وأخذ الأولاد، واردفت قائلة: كانت سعادتي الوحيدة في حياتي هي أبنائي من حولي.

صبرت سلمى طول هذه السنوات حتى لاتصل إلى هذه العواقب بحرمانها من أطفالها، كونهم الوريد الذي يصلها بالحياة، وان حياتها، مقترنه برؤية أولادها، فكان أول سلاح استخدمه الأب أن أخذ أبناءها منها.

تصمت سلمى، وتأخذ نفسًا طويلًا ثم تواصل: لو أنني صبرت ولم، اقول لا للظلم الممارس تجاهي من والد أبنائي لما كانت هذه النتيجة، والان لا أملك إلا طريق المحكمة لعل وعسى أستطيع أن أعيد أبنائي إلى حضني.

 تسعى سلمى في منتصف 2018للحصول على أبناءها الأربعة، وطرقت باب المحكمة، وحيدة إذا رفض اخوتها مرافقتها بحجة تكاليف المرافعة، محاولين إقناعها بتركهم لوالدهم، ولم يتسلل اليأس إلى قلبها، وهي تذهب للمحكمة دون سند ودون محامي.

تمر الايام بين لحظة وأخرى وبين جلسة وأخرى دون أن تستطيع سلمى أن تتحصل على أبنائها.

تقول سلمى وملامح الحزن بادية على وجهها، بأنه بعد مرور سنوات من الترافع، والذهاب بشكل شبه يومي إلى المحكمة، لم تتمكن من الحصول على أولادها، بل تمكن والد أبناءها من اسقاط الحضانة عنها، بحجة أنها لا تمتلك المال لإعالة الأبناء، ولتجاوز ثلاثة من أبناءها السن القانوني، وحصولها على حضانة ابنتها الصغيرة فقط، حد قولها.

تقول سلمى بأنها لم تتمكن من إكمال دراستها، لتكون قادرة على العمل والحصول على المال، وتضيف: حاليا التحقت بدور محو الأمية، واتعلم وأكتسب مهارات وقدرات تمكني من الاعتماد على نفسي في توفير متطلبات الحياة لأبنتي.

 

الحضانة للأم

أمل بإسماعيل المحامية في الأحوال الشخصية في المجمع القضائي بالمكلا تقول بأن الحضانة وفق المادة 138 من قانون الأحوال الشخصية اليمني هي حفظ الصغير الذي لا يستقل بنفسه، وفي المادة 141أن الحضانة تكون للأم مادام الطفل لم يبلغ الخمس أعوام، مهما كان سوء خلقها.

وتقول بإسماعيل بأن قضية سلمى التي تم اسقاط الحضانة عنها قد تكون الأدلة التي تقدمت بها سلمى غير موفقة أو لم يكن لديها محام، فهي لم تستند إلى نصوص وقوانين صحيحة، أو ربما كان اثبات الأب اقوى. 

وتواصل: لابد لسلمى أن لا تيأس، فما صدر هو حكم ابتدائي، ومازال أمامها الاستئناف، تتقدم بنقض الحكم وطلب استرجاع حضانة أبناءها".

 

صراع دائم

الأخصائية الاجتماعية مريم بقرف، تقول لأن الأطفال البعيدين عن الأم يتعرضون لمشاكل نفسية واجتماعية، معتبرة أن اسقاط الحضانة عن الام بسبب النفقة، يعتبر سببًا شائكًا.

واردفت الأخصائية بقرف: الأم ستعيش صراع دائما لبعد أطفالها عنها، بقاء الاولاد مع اب لا يحترم مصدر إنجاب الأطفال، الذي يمنح الحب والحنان ،وسيظل الأطفال يفتقرون لعطف وحنان الأم.

وتتابع: وقد يولد هذا شيء من العنف والمشاكل مع الأب، وتعرض الأطفال أنفسهم إلى الحالات النفسية، وسيبقى الأطفال الحلقة الأضعف في القضية.

وتنصح بقرف سلمى من الالتحاق بالمساحات الآمنة في الملاك، وتضيف: في هذه المساحات يتم دعمهم نفسيا وتمكينها اقتصاديا، واكسابها مهارات وقدرات، تخفف من العنف الذي تعرضت له، مشيرة إلى ضرورة متابعة حقها في الحصول على أبناءها ورعايتهم.