هيفاء العديني

"ذهبتُ إلى غرفة العمليات بكامل قواي العقلية ومتحمسة لرؤية جنيني القادم، في بادئ الأمر قام فني التخدير بوضع الجرعة الأولى وكان تخدير نصفي ومن ثم لم أعلم بشيء وذلك بسبب إضافةجرعة أخرى من المخدر أثناء العملية حتى أصبح تخدير عام"، تقول سهى (30 عامًا).

استيقظت سهى (اسم مستعار) بعد خضوعها لعملية قيصرية، ولم تدرك من حولها، ولم تتعرف على طفلها، أو حتى رضيعها المولود، أخذت تهلوس كثيرًا، وتصف: "كنت أتصرف كالمجنونة، أقفز على السرير، أصرخ بأن هذا ليس بطفلي، لا أعلم من أنا".

وتقول والدة سهى بأن لا أحد كان يستطيع الإمساك بها أو تهدئتها إلا عندما يأتي زوجها وكأن السكينة تحل عليها رغم عدم تعرفها به، وكنا نخاف عليها كثيرًا حتى لا تسوء حالتها أكثر وهي في حالة الوضع وقد تفتح العملية من جديد وتتضرر".

استمرت حالة فقدان الذاكرة لمدة خمسة أيام متتالية بالرغم من نقلها إلى مشفى آخر لمعاينتها وكانت تحت المراقبة لمدة أحد عشر يومًا حتى يتخلص جسدها من الجرعة الزائدة للمخدر وإجراء فحوصات دورية للتأكد من عدم وجود أي مضاعفات.

وضع نفسي

تقول سهى بأنها حاولت مرات عديدة العودة إلى المستشفى ومراجعة الطبيبة للتأكد من سلامتها وصحتها، ورغم شعورها بفقدان الإحساس في منطقة معينة من الفخذ، إلا "أنني لم أستطع، شعرت بالخوف وكأنني سأعود إلى حالتي السابقة"، وتتابع: "عندما تنتابني نوبة غضب بسبب تصرفات طفلي الأكبر أصرخ في وجهه، فيذهب باكيًا إلى أبيه، ويقول أمي تتصرف كالمجنونة؛ بسبب ما رأه مني أثناء فقدان الذاكرة، فعندما يحدثونني عن وضعي وتصرفاتي عقب العملية، أشعر بالخزي وكأنني كنت السبب في ذلك".

الحالات المتعسرة في الولادة الطبيعية تحال إلى الولادة القيصرية عندما تشكل الولادة المهبلية خطرًا على الأم أو الطفل لأسباب منها العمل لفترات طويلة، الضائقة الجنينية، أو لأن الطفل يكون في وضع غير طبيعي، بحسب منظمة الصحة العالمية. وأن العمليات القيصرية تسبب مضاعفات خطيرة أو تؤدي إلى العجز أو الوفاة، خصوصا في الأماكن التي تفتقر إلى مرافق آمنة لإجراء عمليات جراحية أو علاج المضاعفات المحتملة."

وكما هو متعارف أنه لاتخضع المرأة إلى أي عمليات إلا بعد أن يتم عمل فحوصات روتينية لمعرفة الوضع الصحي للأم الحامل ولا يتسبب لها أي مضاعفات أثناء تخديرها والبدء بالعملية.

فقدان الذاكرة

الدكتور بلال محمد رئيس قسم الولادة بمستشفى الجمهوري بتعز، قال "أن المضاعفات التي تحدث بسبب تأخير الحالة كونها تقطن في منطقة بعيدة عن المدينة وقد يسبب انفجار الرحم واستئصاله وبذلك تخسر الأم انوثتها وفرصتها في الإنجاب مرة أخرى، ويسبب للطفل مشكلة صحية مثل عدم القدرة على التنفس جيدًا ويتم وضعه تحت المراقبة في حضانات خاصة بالأطفال الرضع أو تسبب في وفاته."

ولفت بلال إلى أن عدم مراجعة الأم الحامل للطبيب/ة أثناء فترة الحمل يزيد من الآثار الجانبية، مؤكدًا على ضرورة المتابعة الدورية حتى لا تصاب بأي مضاعفات صحية تؤدي بوفاتها أو خسارة الجنين في أحشائها.

 من المسؤول

وأوضح رئيس جمعية أطباء التخدير بتعز، الدكتور عادل الحناني بأن هناك مراحل التخدير منها، تحضير المريض بشكل جيد من حيث سماع دقات القلب ومتابعة العلامات الحيوية الخاصة بالمريض ما هو عمر المريض، ومن ثم اختيار نوع العلاج واستخدام الأدوات المناسبة للمريض. مشيرًا إلى أن حدوث مضاعفات للمريض بسبب فني التخدير نفسه، وليس من مادة التخدير، نتيجةلعدم تركيزه أو انشغاله بمهام خارج غرفة التخدير".

وأستطرد الحناني قائلًا: "إذا كان هناك تقصير مقصود يتحمل المخدر كافة المسؤولية والقانون اليمني لا يحمي فني التخدير لأنه ممنوع قانونًا بأن يقوم بعملية التخدير إلا بإشراف من طبيب مختص، ولكن بسبب شحة أطباء التخدير يتم التعاقد مع فنيي تخدير وبأجور أقل من الطبيب نفسه".

كما أكد على أهمية دور الجمعية في حال وصول ملفات حالات فقدان ذاكرة أو وفاة بسبب الجرعة الزائدة للمخدر، ويتم تحويلها إلى النيابة وإلى المجلس الطبي، ويتم مساءلة المخدر بنوعية الأدوية التي تم حقنها للحالة."